سكنر وتدريب الحمام لتوجيه القنابل- مشروع الحمامة.

وفاء عبدالله

 

سكنر وتدريب الحمام لتوجيه القنابل- مشروع الحمامة.

 






في الحرب العالمية الثانية تم استخدام الحمام لإلقاء القنابل على الأعداء، إن عالم النفس السلوكي ب.ف. سكينر (B.F. Skinner)المعروف بإسهاماته في السلوك الإجرائي -"السلوك الذي يتحدد من خلال عواقبه، أي أنه يُقوّى أو يُضعف بناءً على النتائج التي تترتب عليه، وليس بناءً على المثيرات التي تسبقه فقط."(Skinner, 1938)- قام بعمل تجربة فريدة من نوعها ولكن ليست الأولى وهي استخدام الحمام في إلقاء القنابل وعرف بمشروع الحمامة" (Project Pigeon).

 

ففي عام 1939، بعد أن شهد سكينر تدمير مدينة وارسو بالطائرات الألمانية، بدأ يفكر في وسيلة لمواجهة الغارات الجوية. فبدلاً من تطوير أجهزة إلكترونية متقدمة، تساءل سكينر: لم لا نستخدم الطيور؟ وبدأ في تطوير فكرة مفادها أنه يمكن تدريب الحمام، باستخدام مبادئ التعلم السلوكي، لتوجيه القنابل بدقة نحو أهداف محددة.

[ يقوم السلوك الإجرائي على علاقة ثلاثية تُعرف باسم ثالوث السلوك الإجرائي (Three-Term Contingency): 

المثير التمييزي (Discriminative Stimulus)

الاستجابة (Response)

المعزز (Reinforcer)

في هذا السياق، تم تدريب الحمام على أداء استجابات (نقر الشاشة بمنقارها) في وجود مثيرات بصرية (صور أهداف حربية) تُعزز بنتائج محددة (وصول الحبوب كمكافأة).]

 

تصميم المشروع: كيف يمكن لحمامة أن تقود قنبلة؟

في عام 1940، وبدعم من جامعة مينيسوتا، بدأ سكينر اختبار الفكرة عمليًا. استخدم جهازًا بسيطًا نسبيًا يحتوي على شاشة تعرض صورة الهدف، وُضعت أمام الحمامة داخل كبسولة صغيرة يمكن تثبيتها في رأس القنبلة. وتم تدريب الحمام باستخدام التعزيز الإيجابي: كلما نقر الحمام على صورة الهدف بمنقاره، كان يحصل على الحبوب كمكافأة.

عندما يُثبّت الحمام داخل جهاز الطيران، فإنه "ينقر" على شاشة تظهر صورة الهدف (مثلاً: جسر، دبابة، سفينة). وكانت النقرات تترجم إلكترونيًا إلى إشارات توجيه توجه دفة القنبلة، بحيث تبقى القنبلة في مسار يؤدي إلى الهدف الذي يحدده الحمام.

تم تصميم سترات صغيرة لحمل الحمام داخل رؤوس القنابل، حيث وُضعت شاشة أمام الطائر، وتم وصل النظام بجهاز استشعار حركي، بحيث تتحرك القنبلة استجابة لحركات الحمام ونقراته. المدهش أن نتائج التدريب أظهرت أن الحمام قادر على تتبع الهدف حتى مع تغيرات البيئة البصرية أو أثناء الاهتزازات. وقد تم تدريب الحمام على التعرف على أنواع مختلفة من الأهداف البرية والبحرية، حتى أنهم استطاعوا تحديد "تقاطع شارع" معين على خريطة جوية بدقة عالية.



لماذا لم يُستخدم المشروع في الحرب؟

رغم أن البحرية الأمريكية موّلت مشروع سكينر في البداية، إلا أن المشروع واجه شكوكًا شديدة من العسكريين الذين لم يأخذوا فكرة "قنبلة موجهة بواسطة الحمام" على محمل الجد. ورغم أن الاختبارات أظهرت نجاحًا مبهرًا في توجيه القنابل بدقة أعلى من أي نظام إلكتروني آنذاك، إلا أن المشروع أُلغي رسميًا عام 1944 تحت ذريعة أن التكنولوجيا المتقدمة في الصواريخ بدأت تتطور، ولم تعد هناك حاجة لاستخدام الطيور.

 

لم تكن استخدام الحيوانات في الحروب غريبا فقط قيل بأنه تم استخدام طائر النورس لكشف الغواصات في الحرب العالمية الأولى، وعمل الروس على تدريب الكلاب لتفجير الدبابات كما قاموا كذلك بتدريب كلب البحر للقطع كابلات أو أسلاك الألغام الأرضية، وشرع السويديون في تدريب عجل البحر بتفجير الغواصات

 

المراجع

الخليفة، عمر هارون. (2009). علم النفس والمخابرات. دار ديبونو للنشر والتوزيع. الأردن

Skinner, B.F. (1938). The Behavior of Organisms: An Experimental Analysis. Appleton-Century-Crofts.

 

google-playkhamsatmostaqltradent