الناقلات العصبية: كيف تتحكم الجزيئات الكيميائية في عقولنا
النواقل
العصبية هي مواد كيميائية تستخدمها الخلايا العصبية (أو الأعصاب) للتواصل مع بعضها
البعض
يبدأ الأمر بإشارة كهربائية تُسمى "الإثارة العصبية"
تسير على طول الخلية العصبية (النيورون).
تصل هذه الإشارة إلى نهاية الخلية العصبية (نهاية
المحور العصبي).
عندما تصل الإشارة إلى نهاية المحور العصبي، تُحفز
الفجوات العصبية (الحويصلات) التي تحتوي على الناقل العصبي.
تتحرك الحويصلات نحو الغشاء الخلوي وتندمج معه، مُحررة
الناقل العصبي في الفجوة المشبكية (الفراغ بين الخليتين العصبيتين).
ينتقل الناقل العصبي عبر الفجوة المشبكية ويرتبط بالمستقبلات
الموجودة على سطح الخلية العصبية التالية (الخلية المستقبلة).
يسبب ارتباط الناقل العصبي بالمستقبلات تغييرات في
الغشاء الخلوي للخلية المستقبلة، مما يؤدي إلى توليد إشارة كهربائية جديدة في هذه الخلية.
بعد أن يؤدي الناقل العصبي وظيفته، يتم إزالته من الفجوة المشبكية إما
عن طريق إعادة امتصاصه في الخلية الأصلية، أو تفكيكه بواسطة إنزيمات متخصصة.
يوجد ما لا يقل عن 10,000 من نواقل الإرسال العصبية
من اشهرها النورإبينفرين او النورأدرينالين والاسيتايل كولين
والدوبامين.
يؤثر الناقل العصبي على الخلية العصبية بإحدى الطرق
الثلاث: الإثارة أو المثبطة أو التعديلية.
1. تأثيرات إثارية (Excitatory Effects)
آلية العمل:
عندما يرتبط الناقل العصبي بالمستقبلات على سطح الخلية
العصبية المستقبلة، فإنه يمكن أن يفتح قنوات أيونية معينة.
هذا يؤدي إلى دخول أيونات موجبة (مثل أيونات الصوديوم
Na+) إلى داخل الخلية العصبية، مما يرفع من جهد
الغشاء الخلوي.
النتيجة:
إذا ارتفع جهد الغشاء الخلوي إلى حد معين، يحدث إثارة
عصبية جديدة في الخلية العصبية المستقبلة.
مثال: الجلوتاميت (Glutamate) يعد موصل من اشهر الموصلات العصبية المنتشرة في المخ وهو موصل تنبيهي, ويعمل الجلوتاميت على مستقبلات معينة لها دور أساسي في عمليات التعلم والذاكرة.
2. تأثيرات مثبطة (Inhibitory Effects)
آلية العمل:
عندما يرتبط الناقل العصبي بالمستقبلات، فإنه يمكن
أن يفتح قنوات أيونية تسمح بدخول أيونات سالبة (مثل أيونات الكلوريد Cl-)
أو خروج أيونات موجبة (مثل البوتاسيوم K+).
هذا يؤدي إلى خفض جهد الغشاء الخلوي.
النتيجة:
يصبح من الصعب على الخلية العصبية المستقبلة أن تصل
إلى جهد الإثارة العصبية، مما يقلل من احتمالية توليد إشارة جديدة.
مثال: جابا (GABA - Gamma-Aminobutyric Acid) هو ناقل عصبي مثبط شائع في الجهاز العصبي المركزي.
تعمل مشتقات البنزوديازيبين على تنشيط مستقبلات الجابا أي تنشيط التأثير المثبط له ولهذا يتم استخدام البنزوديازيبين
في علاج حالات القلق والصرع باعتبار انها تزيد من نشاط الجابا أي تزيد من النشاط
المهدئ وبالتالي تعمل على إزالة القلق وتوقف الصرع. |
3. تأثيرات تعديلية (Modulatory Effects)
آلية العمل:
النواقل العصبية التعديلية لا تعمل مباشرة على فتح
أو غلق القنوات الأيونية، بل تؤثر على عمل الخلايا العصبية بطرق غير مباشرة.
يمكن أن تؤثر على إنتاج أو تحرير نواقل عصبية أخرى، أو على حساسية المستقبلات العصبية، أو على نشاط الإنزيمات المرتبطة.
النتيجة:
هذه التأثيرات تكون طويلة الأمد وتساعد في تنظيم النشاط
العصبي بطريقة أكثر تعقيدًا.
مثل النظام الأدريني له تأثيران متضادان: الأول تنبهي
وخاصة على الجهاز الدوري والقلب والثاني تثبيطي وخاصة على الجهاز الهضمي والأوعية
الدموية المغذية للعضلات.
مثال توضيحي: الناقل
العصبي السيروتونين الإثارة العصبية: عندما يشعر الشخص بالسعادة،
ترسل الخلايا العصبية في الدماغ إشارات كهربائية. تحرير السيروتونين: تصل الإشارات إلى نهاية
الخلية العصبية، مُحفزةً تحرير السيروتونين في الفجوة المشبكية. التفاعل مع المستقبلات: يرتبط السيروتونين بالمستقبلات
الموجودة على الخلية العصبية التالية، مما يُحدث تأثيراً يُساهم في تحسين المزاج
والشعور بالسعادة. إزالة السيروتونين: يتم إعادة امتصاص السيروتونين
في الخلية الأصلية أو يتم تفكيكه بواسطة إنزيمات لتتمكن الفجوة المشبكية من استقبال
إشارات جديدة. بهذا الشكل، تساهم النواقل
العصبية في نقل الإشارات العصبية بين الخلايا العصبية، مما يُمكِّن الدماغ من تنظيم
مجموعة متنوعة من الوظائف الجسدية والعقلية.
|
المراجع
سامي عبد القوى. (2018 ). علم
الادوية النفسية الإكلينيكي . مصر : مكتبة الأنجلو المصرية .